شارك حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في الاجتماع الرفيع المستوى للاحتفال بالذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس الأمم المتحدة، الذي عقد عبر تقنية الاتصال المرئي من مقر المنظمة في مدينة نيويورك، بمشاركة عدد من أصحاب الجلالة والسمو والفخامة والسعادة قادة الدول ورؤساء الحكومات والوفود.
وقد ألقى سمو الأمير المفدى كلمة، فيما يلى نصها:
بــســم الله الـــرحــمــن الــرحــيــم
سـعـادة رئـيـس الجـمـعـيـة العـامـة،
سـعـادة الأمـين الـعـام للأمـم المـتـحـدة،
الـسـيـدات والـسـادة،،
أود في البداية أن أشكر سعادة رئيس الجمعية العامة على عقد هذا الاجتماع الهام بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس الأمم المتحدة، كما أعرب عن تقديرنا البالغ للجهود التي بذلت خلال الشهور الماضية لكي يخرج هذا الاجتماع بإعلان قادة العالم الذي يشكل وثيقة تاريخية تعكس إجماع المجتمع الدولي على بلورة موقف موحد حيال التحديات المشتركة وتحقيق الأهداف السامية للأمم المتحدة في مجال السلام والأمن والتنمية وحقوق الإنسان بوصفها الركائز الأساسية التي قامت عليها منظمتنا.
وإنه من دواعي سرورنا أن تتولى سعادة الشيخة/ علياء بنت أحمد بن سيف آل ثاني المندوبة الدائمة لدولة قطر بالشراكة مع المندوبة الدائمة لمملكة السويد مهمة تيسير المفاوضات على نص هذا الإعلان.
السيد الرئيس
مثل تأسيس الأمم المتحدة أملاً عظيما للبشرية بعد ويلات الحرب العالمية الثانية واستخلاصاً للنتائج منها ومن غياب تأطير عالمي للعلاقات بين الدول لا يقبل بالحروب وسيلة لتسوية النزاعات، ومبادئ متفقا عليها وملزمة تسمح بالتصدي الجماعي لعمليات الإبادة الجماعية.
لقد قامت الأمم المتحدة على افتراض وجود إنسانية تجمعنا، وفهم مشترك لحقوق الإنسان وكرامته، وبذلك شكلت نقطة تحول في العلاقات الدولية.
ولقد قطعت الأمم المتحدة شوطاً كبيراً في تحقيق الأهداف التي اتفق عليها المجتمع الدولي، وتمكنت خلال العقود المنصرمة من تقديم العديد من المساهمات من أجل تقدم البشرية وإنقاذ الملايين من الأشخاص وجعل حياتهم أفضل، وذلك عبر مؤسساتها ومنظماتها المختلفة التي لم يعد ممكناً تصور عالمنا المعاصر من دونها.
ولكنها ما زالت قاصرة عن إيجاد الآليات اللازمة لفرض مبادئها على أعضائها، وما زال حق القوة يتفوق على قوة الحق في مناطق مختلفة في العالم وفي مجالات مختلفة من حياتنا.
واليوم ونحن على أعتاب العشرية الثالثة من القرن الحالي وعلى الرغم من هذه الجهود المقدرة إلا أن العالم لا زال يواجه تحديات مستجدة وغير مسبوقة في مختلف الجوانب وفي مقدمتها استفحال بؤر التوتر الإقليمية والدولية وإشكاليات نزع السلاح وقضايا البيئة والتنمية المستدامة والإرهاب وغيرها من التحديات العالمية.ومن أخطر التحديات التي واجهت الأسرة الدولية منذ تأسيس الأمم المتحدة مسألة المواجهة الجماعية لخطر الأوبئة.
ويفترض أن تذكرنا مواجهة وباء (كوفيد-19) وتداعياته السلبية الخطيرة على الأرواح والصحة العامة واقتصادات الدول، أن شعوب الأرض ما هي إلا أسرةٌ واحدة تواجه مصيراً مشتركاً، وأنه لا مناص من التعاون والعمل المشترك للتصدي للتحديات العالمية.
السيدات والسادة ،
إن اجتماعنا اليوم يشكل فرصة هامة لتجديد التزام المجتمع الدولي بنص وروح ميثاق الأمم المتحدة وأنه سيظل نبراسا لعملنا الدولي، وأساساً ننطلق منه لتعزيز التعاون الدولي لتحقيق أهدافه السامية.
وهو ما يستلزم إجراء تقييم ومراجعة جادة للعمل الدولي المتعدد الأطراف، وضرورة العمل الجاد على تجاوز المعوقات التي تعترض جهودنا المشتركة، وتحقيق الإصلاح الشامل، ولا سيما مسألة تمثيل شعوب العالم في مجلس الأمن الدولي، وآليات تنفيذ قراراته، وتجنب ازدواجية المعايير في التنفيذ، ومراجعة النظام الداخلي الذي يعلق قضايا الأمن المشترك بموقف أي دولة من ضمن خمس دول كبرى.
وفي هذا السياق نؤكد على موقف دولة قطر الثابت من دعم مبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة وتجسيدها، ونشدد على ضرورة تنفيذ الإعلان السياسي الذي تم اعتماده اليوم وذلك من خلال تعزيز التعددية والدبلوماسية الوقائية، واحترام سيادة الدول والمساواة فيما بينها، والتصدي الحازم لاستخدام القوة في العلاقات الدولية، وإيجاد حلول للأزمات والنزاعات التي طال أمدها استناداً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، واحترام سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي، وتفعيل دور المرأة والشباب في جميع المجالات، والاستخدام السليم والمشروع للتقدم العلمي، وتنفيذ الإعلانات والتوافقات الدولية، وتحقيق أهداف خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030.
وختاما، أجدد التزام دولة قطر بالعمل مع الأمم المتحدة، ومواصلة تقديم الدعم لها وتعزيز الشراكة مع أجهزتها لتمكينها من مواجهة التحديات العالمية المشتركة وتحقيق الأهداف التي تنشدها.
أشكركم والـسـلام عـليـكـم ورحـمـة الله وبـركاتـه.