يرتبط القطريون ببيئتهم ارتباطاً وثيقاً منذ قديم الزمان، فيها تربّوا وبخصائصها تأثروا، فتعايشوا مع طبيعتها وألوان تربتها وبحرها وتغيّر مواسمها وسبروها حتّى شكَّلت جزءاً مهمًّاً ومؤثِّراً في وجودهم وبناء شخصيّتهم وهويّتهم.
لذلك، اتَّسمت حياتهم بالبساطة كبساطة بيئتهم، وانعكست دماثة الأرض على دماثة أخلاقهم وتواضعهم وسلاسة قولهم وصفاء عبارتهم وحتّى ملابسهم وعمارتهم.
كما مثّلَ التقاء البحر بالبر ميزة لهذه البيئة، فقد جمعت حياة القطريين بين النّعمتين، فاغتنى عيشهم بخيراتهما، فكانوا يرتادون البحر للغوص صيفاً ، ويربّعون في الشتاء. ومن أجل اللؤلؤ ركبوا ناصية البحر بالحكمة والشّجاعة، وآمنوا بأنَّ الحياة تفاعلٌ مع الآخر، فكانوا يستقبلون السفن القادمة لشواطئهم من كلِّ مكان بكرم وترحيب.
وفي الصّحراء وجدوا الإلهام والفطنة رغم ما يكتنف العيش فيها من صعوبةٍ، تعكسها ندرة الماء وقلّة العشب، واستطاعوا ترويض الصّحراء بصبرهم. وزاد جمال الرّوض منْ شاعريّتهم وإبداعهم.
وسار القطريّون في الأرض التي استخلفهم اللّه عليها. فنظروا فيها و اعتنوا بها، وبنوا بيوتهم من حجر الأرض ووبر الحيوانات، دونَ إسراف لأنّهم قدّروا نعمة الله عليهم، وكان تعبيرهم بالشّكر لله بالفعل قبل القولِ.
وقد زاد تشبّثُ القطريّين ببيئتهم من حبّهم لوطنهم وشعورهم بالانتماء والفخر به، حتّى اتّخذت البيئةُ مكانةً هامّة في حياتهم، فبرزت في أناشيدهم وقصائدهم، ومن ذلك ما نظمه الشيخ المؤسس في مرثيّته:
مرّت بي العيرات عدٍّ ومنزلٍ ورسم لنا ما غيّرته الهبايب
ديارٍ لنا نعتادها كلّ موسم مر باعنا لي زخرفتْها العشايبْ