أجرت صحيفة "بليتس" اليومية مقابلة مع سعادة السيد / فارس بن رومي النعيمي، سفير دولة قطر لدى بلغراد، تم نشرها في النسخة المطبوعة والالكترونية للصحيفة بتاريخ 30 ديسمبر 2021م، مضمونها كالتالي
أتيتم الى بلغراد مؤخراً لتولي منصب السفير، ما هي إنطباعاتكم حتى الآن؟
إنطباعاتي حتى الآن إيجابية وجيدة، حيث أن الشعب الصربي شعب مضياف وكريم والبلد تتمتع بطبيعة خلابة، وانا أتطلع إلى تعزيز العلاقات بين بلدينا الصديقين.
كيف ترون العلاقات بين بلغراد والدوحة وهل لديكم هدف معين خلال فترة أداء مهامكم، هل هناك مجال لإحراز التقدم؟
العلاقات بين دولة قطر وجمهورية صربيا آخذة في النمو والتطور في مختلف المجالات، تحت رعاية القيادة الحكيمة لكلا البلدين، وهناك مساحة واسعة لتعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد والسياحة. وعقدت لقاءات مع فخامة السيد / ألكسندر فوتشيتش – رئيس جمهورية صربيا لعدة مرات، عبر خلالها الرئيس عن إهتمامه في تعزيز العلاقات مع دولة قطر وتطلعاته لزيارة دولة قطر في المستقبل القريب بحيث تكون الزيارة على أعلى المستويات، وقد أستمعت لتوجيهات فخامته فيما يتعلق بتعزيز العلاقات بين بلدينا الصديقين. ونحن نعمل الآن على تفعيل الإتفاقيات التي تم التوقيع عليها في الفترة الماضية، وإعداد إتفاقيات جديدة للتوقيع عليها في المستقبل، كما تبذل جهداً للربط بين رجال الأعمال في البلدين بهدف تعزيز التعاون التجاري وزيادة الاستثمارات القطرية في صربيا.
دعم دولة قطر لما يسمى بجمهورية كوسوفو ليس سراً، كيف ترون الأوضاع الراهنة أخذاً في عين الإعتبار بأنه لم يتم إحراز أي تقدم في المحادثات بين بلغراد وبريشتينا منذ شهر يونيو الماضي؟
إن دولة قطر تؤمن بإيجاد الحلول لجميع القضايا العالقة من خلال الحوار والدبلوماسية، ونأمل أن يتم التوصل الى حل توافقي يرضي كافة الأطراف.
ماهي الأوضاع في دول الخليج بعد تحسن العلاقات بين قطر والدول التي فرضت الحصار عليها لسنوات، وعلى رأسها السعودية؟
منذ اليوم الأول في الأزمة الخليجية، أدركت دولة قطر أن ما حدث سيعود بالضرر على الجميع، فدعت للحوار وتمسكت بالتفاوض، كوسيلة وحيدة لجمع الكلمة مرة أخرى وتوحيد الصفوف. وبعد حدوث المصالحة الخليجية في يناير من سنة 2021، في قمة العلا، تم التوقيع على بيان العلا، وأكدت القمة في بيانها الختامي ضرورة التكاتف والتضامن بين الدول الخليجية وتعزيز دور مجلس التعاون الخليجي.
لطالما كانت سياسة قطر قائمة على عدم تغليب مصالحها على الهم الجماعي للمنطقة والعالم العربي، فلم تنكفئ قطر يوماً على ذاتها أو تبخل بتقديم ما يتعين تقديمه، كلما دعت الحاجة في سبيل نهضة أمتنا، وإشاعة أجواء من الأمن والاستقرار. وقد أوجز حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، موقف قطر من تطورات الأزمة الخليجية، التي تم طي صفحتها في قمة «العلا»، بمداخلة معبرة، عبر حساب سموه الرسمي على موقع «تويتر»، معتبراً أن مشاركته في القمة الخليجية جاءت لرأب الصدع والتطلع نحو مستقبل أفضل للمنطقة.
وبعد المصالحة، استأنفت قطر الرحلات الجوية المباشرة، والإعلان رسمياً عن فتح كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية بينها وبين كل من السعودية والامارات والبحرين ومصر. كما عادت العلاقات الدبلوماسية بشكل رسمي بين قطر وكل من السعودية ومصر.
وبعد عام من حل الأزمة الخليجية وفي شهر ديسمبر الجاري، استضافت الرياض القمة الخليجية بمشاركة جميع الدول الخليجية، وأسفر عنها البيان الختامي الذي أكد على ضرورة تنسيق المواقف بين دول مجلس التعاون بما يحافظ على مصالحها، إضافة لبذل جهود مشتركة لمواجهة التهديدات الخارجية.
لعبت قطر دوراً هاما ًخلال الأوضاع الفوضوية في أفغانستان بسبب علاقاتها مع الولايات المتحدة وطالبان، ماهي الأوضاع على أرض الواقع بعد استلام طالبان السلطة؟
لعبت قطر دوماً دوراً حيادياً كوسيط بين الحكومة الأمريكية وطالبان، وكان لها دور كبير في عملية الإجلاء الدولية في أفغانستان منذ سيطرة طالبان على كابل، وقالت وزارة الخارجية القطرية في بيان لها، بأن الدوحة سهلت عملية إجلاء ونقل أكثر من 70 ألف شخص من العاصمة كابل بالتنسيق مع الدول المعنية والأطراف في أفغانستان.
أما فيما يتعلق بالشق الثاني من السؤال، فمنذ بداية استيلاء طالبان على السلطة في كابل، دعت دولة قطر إلى وقف فوري وشامل ودائم لإطلاق النار في كافة الأراضي الأفغانية، كما دعت لضرورة العمل عاجلاً على انتقال سلمي للسلطة يمهد لتسوية سياسية شاملة تستوعب كافة الأطراف الأفغانية وتحقق الأمن والاستقرار في البلاد، مع ضرورة ضمان سلامة المدنيين.
ستصبح قطر مركزاً للعالم لمدة شهر خلال العام القادم، هل هي مستعدة؟
بكل تأكيد. ومؤخراً، أكدت اللجنة العليا للمشاريع والإرث، الجهة المسؤولة عن مشاريع البنية التحتية لكأس العالم FIFA قطر 2022™، استكمال أعمال البناء في الملاعب الثمانية المستضيفة لمنافسات النسخة الأولى من المونديال في العالم العربي والشرق الأوسط.
بطولة كأس العالم تشكل بالنسبة لنا بوابة هامة بين المنطقة والعالم، فهي سوف تسهم في تغيير المفاهيم المغلوطة السائدة والأحكام المسبقة التي تشكلت عن المنطقة، وباقي دول العالم. فمنذ اليوم الأول لفوز قطر بحق استضافة كأس العالم، حرصت دولتنا على استثمار الفرص الكامنة في البطولة لوضع خطط تضمن خوض المشجعين والزوار تجربة استثنائية مع بناء إرث مستدام لدولة قطر والشرق الأوسط والعالم. ستكون هذه البطولة هي الأروع دون أدنى شك وستتيح للجماهير فرصة حضور أكثر من مباراة في يوم واحد، بدون إرهاق أو تعب كما كان الحال في نسخ سابقة، بفضل قرب الملاعب من بعضها البعض، حيث سيتنقّل المشجّعون لحضور المباريات من خلال المترو أو السيارات أو القطارات أو الدراجات بالإضافة إلى التاكسي المائي، وذلك باستخدام أنظمة مواصلات متقدمة تساعد في جعل هذه البطولة هي الأكثر صداقة للبيئة في تاريخ بطولات كأس العالم لكرة القدم.
ما هي الأوضاع في قطر فيما يتعلق بوباء كوفيد19
لقد أدّت النتائج الإيجابية للقيود التي فرضتها الدولة والمتعلقة بجائحة كورونا (كوفيد–19)، إضافة لتزايد وتيرة التطعيم ضد الفيروس، إلى خفض معدلات الإصابات اليومية بعدوى كورونا (كوفيد–19) في دولة قطر خلال الأسابيع القليلة الماضية. حيث تلقّى حتى الآن أكثر من 85.8% من إجمالي السكان تطعيمهم بالكامل بجرعتي اللقاح. أضف الى ذلك الدعم والتعاون منقطع النظير الذي يقدّمه الجمهور فيما يتعلق بتطبيق التباعد الاجتماعي والالتزام بشروط الوقاية من كوفيد19. كل هذه الأمور أسهمت في انخفاض حالات الإصابة وارتفاع حالات الشفاء في البلاد.
وهل تجري الاستعدادات لمواجهة الوباء خلال المونديال؟
طبعاً، فدولة قطر حريصة على صحة وسلامة مشجعي كأس العالم. وقد أطلقت مع منظمة الصحة العالمية والاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) يوم 18 أكتوبر 2021م، مشروعاً مشتركاً يهدف لضمان السلامة والصحة في مونديال 2022م. وسوف يركز هذا المشروع على موضوعات رئيسية ألا وهي دعم الناس لممارسة أنماط حياة صحية من خلال عدة أمور، منها النشاط البدني والنظم الغذائية الصحية والإقلاع عن تعاطي التبغ ومكافحته؛ وتعزيز الأمن الصحي مع التركيز على ضمان سلامة التجمعات والأحداث الحاشدة؛ والدعوة والتوعية من أجل الصحة.
كيف تجري الاستعدادات النهائية لبطولة كأس العالم فيما يتعلق بالبنية التحتية الملاعب وأماكن الإقامة والطرق؟
أثبتت دولة قطر بأنها رائدة على مستوى الجاهزية، حيث لم يسبق لأي دولة مستضيفة أن أتمت استعداداتها للبطولة قبل عام من انطلاقها ولهذا نريد أن نقول للعالم نحن جاهزون للاستضافة. فلدينا الآن 8 ملاعب مونديالية جاهزة وهي ملاعب خليفة والجنوب والمدينة التعليمية وأحمد بن علي والثمامة و974 إضافة لإستاد البيت. بالإضافة إلى 40 ملعباً مخصصاً للتدريبات. إضافة للمشاريع المونديالية التي أصبحت جاهزة على غرار تشغيل مترو الدوحة الذي انطلق منذ عام 2019 بالإضافة إلى أشغال التوسعة في مطار حمد الدولي والتي سيتم الانتهاء منها في بداية العام القادم. وقد أكدت اللجنة العليا للمشاريع والإرث، بأنها ستوجه جهودها خلال الفترة القادمة إلى العمليات التشغيلية، بالإضافة إلى تعزيز تجربة المشجعين خلال البطولة وجعلها تجربة استثنائية. وتجدر الإشارة الى أن اللجنة العليا للمشاريع والارث أبدت حرصها على الوفاء بالتزامها باستضافة أول بطولة محايدة للكربون في تاريخ المونديال الكروي وتحقيق التوازن الكربوني في البيئة وذلك من خلال الاستثمار في مشاريع صديقة للبيئة.
وفيما يتعلق بالحلول السكنية لجماهير كأس العالم، إضافة الى سلسلة الفنادق الموجودة في قطر، فقد وقعت اللجنة العليا للمشاريع والإرث، المعنية بتجهيزات كأس العالم اتفاقية مع شركة إيطالية لتزويد دولة قطر خلال كأس العالم بسفينتين عائمتين هما الأضخم في تاريخ الشركة، على أن تتواجد السفينتان في قطر بميناء حمد الدولي يوم 11 نوفمبر 2022 أي قبل البطولة بـ 10 أيام. كما انه سوف تكون هناك بدائل سكنية أخرى متعددة لجماهير المونديال على غرار المخيمات، التي سوف تقدم الخدمات الفندقية، وتمنح المشجعين تجربة استثنائية فريدة.
إضافة لذلك، سوف يتم توقيع اتفاقية شراكة مع سلسلة أكورد العالمية لخدمات الفنادق والتي ستشمل تقديم خدمات الضيافة لـ 60 ألف وحدة سكنية خلال فترة البطولة. كما قامت لجنة الإرث والمشاريع بإطلاق مبادرة “كن أنت المستضيف” لاستقبال المشجعين، والتي تهدف الى تعريف المشجعين المشاركين في تلك التجربة بكرم الضيافة العربي الأصيل الذي تشتهر به دولة قطر، والإسهام في إثراء تجربتهم خلال فترة إقامتهم بالدولة، وتعريفهم بالتنوع الثقافي الكبير الذي تتمتع به البلاد.
تمت الإشارة بأنه سيتم السماح بتناول الكحول في مناطق معينة، نظراً للشريعة الإسلامية في قطر ولتلبية احتياجات الزوار والمشجعين، هل تم اتخاذ قرار نهائي في هذا الشأن؟
بما أن المشروبات الكحولية ليست جزءاً من الثقافة القطرية، ستكون مُتاحة في مناطق محددة. وسيعمل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) مع كأس العالم فيفا قطر ٢٠٢٢، لتحديد نطاق توفيرها، كما هو الحال مع باقي البلدان المستضيفة لبطولة كأس العالم لكرة القدم، وذلك للتوصل لحل يناسب كافة الأطراف المعنية.
هل شاهدتم المباراة مع البرتغال عندما تأهل المنتخب الصربي الى المونديال، وكيف كانت ردود فعلكم خلال المباراة وبعدما علمتم بتأهل صربيا؟
لقد استمتعت بمشاهدة المباراة حيث كانت مباراة جيدة لعبها المنتخب الصربي ببراعة، وقمت بتوجيه برقية الى فخامة رئيس جمهورية صربيا، متضمنة التهنئة للشعب الصربي بمناسبة التأهل، وأغتنم هذه الفرصة لأوجه مجدداً تهنئة الى الشعب الصربي بمناسبة تأهل المنتخب الوطني الى مونديال قطر.
ماذا يمكنكم القول للاعبي كرة القدم والمشجعين في صربيا قبل بدء المونديال؟
أتمنى أن تكون مشاركة المنتخب الصربي في هذا الحدث الاستثنائي ناجحة، وتتطلع دولة قطر لاستضافة مشجعي المنتخب الصربي والعمل على تقريب ثقافات الشعبين الصربي والقطري من خلال الشغف الكروي المشترك.